التصــوير:
اختلف الفقهاء في حكم التصوير بين التحريم والجواز مع الكراهية ,هذا إذا كان التصوير لذي روح كالإنسان والحيوان, أما ما ليس له روح كالشجرة والجبال فلا بأس به , ولأن القوم حديثو عهد بالشرك والأصنام فقد جاء الحديث الشريف حاسماً وقاطعاً للطريق وساداً للذرائع ، فقد قال صلى الله عليه وسلم :"أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون" وأنه صلى الله عليه وسلم " لعن المصور" .
وأن"من صور صورة عذبه الله حتى ينفخ فيها – يعني الروح – وليس بنافخ فيها " " فهذه الأحاديث – كما قال النووي – صريحة في تحريم التصوير وأنه غليظ التحريم " .
ومن ذلك أيضاً أن الملائكة لا تدخل البيت الذي يحوي تصاوير, فقد ورد في الحديث : " أتاني جبريل فقال : إني كنت أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت عليك البيت الذي كنت فيه إلا أنه كان في البيت تمثال الرجال ، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل " .
" قال العلماء: سبب امتناعهم من بيت فيه صورة كونها معصية فاحشة, وفيها مضاهاة بخلق الله ".
إلا أنه يظهر- والله أعلم- أن كلمة التصوير في ذلك العهد كانت تطلق على أعمال النحت للأصنام في الغالب , وعلى غيرأعمال النحت من باب المشاكلة اللغوية ، لأن القرآن الكريم يطلق لفظة التصوير ويريد بها " الخلق والتشكيل " .
هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِيقال تعالى : وَصَوَّرَكُمْ[آل عمران آية: (6)] وقـال تعالى: الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ [غافر آية: (64)] و [التغابن آية: (3)] أي "خلقكم فأحسنفَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ خلقكم ".
ويؤيد هذا الفهم ما قاله ابن حجر في فتح الباري تعليقاً على أحاديث الصور :" والمراد بالصور هنا التماثيل التي لها روح " .
فيمكن لنا القول : إن كلمة التصوير قدا أصابها ما أصاب بعض المفردات اللغوية من "التطور الدلالي"، فقد كانت الكلمة تستخدم في معنى ثم تطورت إلى معنى أخر ،
وإذا كان من أسماء الله " المصور " فإن أحداً لا يخطر بباله وهو يذهب إلى محل " التصوير الفوتوغرافي" أن هناك محاكاة أو مضاهاة لاسم الله, بل وربما لا يخطر بباله مجرد المشابهة في الاسم .
ومن ثم فإننا يمكننا حمل الأحاديث الناعية على المصورين والتصوير على التماثيل ، وعلى ما يقصد به مضاهاة خلق الله وتحديه في الخلق , وإلا لماذا يباح تصوير غير ذات الروح والأحاديث السابقة تشمل الإنسان والحيوان كما تشمل الشمس والقمر والشجر والجبال ولا تخصص,فإن قيل: إن تصوير ذي الروح ربما يوصل إلى عبادته مع الزمن قلنا:إن الشمس قد عبدت من دون الله ومع ذلك لا يحرم تصويرها.
فلا يبقى إلا القول بجواز التصوير الشمسي الفوتوغرافي أو التلفزيوني وهو رفع للحرج وباب للتيسير ، إذ لا يمكن للغالبية العظمى من الناس أن يستغنوا عن التصوير بدءاً من البطاقة الشخصية والجامعية والطبية, وفي الوظائف العامة , حيث لا تكاد تجد معاملة إلا وفيها صورة, بالإضافة إلى التصوير التلفزيوني والذي يقدم في المحطات الدينية خدمة للدعوة والدعاة.