الإشراقة الأولى:
الإستمتاع بالتربية .
نحن من يصنع الحياة لأننا نحن نصنع الأفكار ، وقد قيل أنت من صنع أفكارك ،
ويكفينا ما ضاع من أوقاتنا في صراخ وتلاوم لتنقضي سنوات فلا تجدي في طياتها ذكريات جميلة إنما هي صور شاحبة مظلمة لمواقف تربوية قد تكون فاشلة في أكثرها .
فإذا ما اعتقدنا بأن حياتنا مع أبنائنا ستكون ممتعة فستكون كذلك وإن ظننا العكس فسيكون كذلك أيضا ، والواقع خير دليل على صحة هذه المقولة .
فأنت من يحدد هل ستكون سنوات التربية ممتعة ملؤها السعادة والأمل ! أم أنها ستكون محملة بالشكوى والضجر والقلق والمشاكل ! هي سنوات حتماً ستعيشينها مع أبنائك فاختاري لنفسك كيف ستقضينها .
الإشراقة الثانية :
لا توجد أسرة مثالية ...
عندما رزقت بأول طفلة ونظرت لها سحرتني بعينين هما قمة الجمال والبراءة وبدأت أحيك لها شخصية من نسج خيالي ، وأرسم لها الشخصية التي أريد ، وأتخيلها وقد جمعت كل صفات التي تتمناها الأم ، وبدأت أجمع لها كل صفة جميلة من كل طفل أشاهده ، فمن هذه هدوئها ورقتها وعذوبتها ، ومن تلك ذكائها وفصاحتها ونجابتها ، ومن ذلك طاعته وخلقه وأدبه ، وكم كنت مسكينة جاهله فهل الابناء فستانا يحاك بحسب الطلب ؟ أو قصة نكتب فصولها كما نشاء؟
وكم عانيت من هذه الصورة المثالية التي أوجدتها وعشتها في خيالي ، وكم من مرة أصبت بخيبة الأمل لأن ابنتي ليست كما أتصورها ، ناسية أو جاهلة لحقيقة وهي أننا لا نملك تشكيل الأبناء بل كل يولد بشخصيته وإنما نحن من يساعدهم ويرشدهم ويقوم اعوجاجهم .
وإن من أكثر ما يصيب الأمهات بالإحباط والإحساس بالفشل في التربية هو تصورها لأسرة مثالية يؤدي فيها الأبناء أدوارهم على افضل حال ، فهم يأكلون في وقت محدد وينامون بمجرد الطلب منهم كما أنهم يعرفون مصالحهم فيذاكرون في أوقات محدده ويعتنون بأنفسهم ، ويرتبون غرفهم ويعيدون ألعابهم إلى أماكنها بعد الإنتهاء من اللعب إلخ .. من أمور تطمح كل أم ان يقوم بها الأبناء ، فإذا ما عاشت الواقع بكل تفاصيله ورأت ان أبنائها لا يمثلون الصورة التي رسمتها لأسرتها في خيالها فإن هذه الأم المسكينة تصبح صريعة الهم ، وقد لا يفارقها الشعور باليأس والفشل .
ولكن مهلا أيتها الأم لا تضعي مواصفات مبالغ فيها ثم تريدين من الأبناء أن يحققوا ذلك لأن الأبناء بشر فسيخطئون ، ويتضجرون ، ويصرخون ، ويبكون ، لأن هذا هو الطبيعي .وأنت عندما تتوقعين مسبقا بأن الأبناء لهم هفوات وأنهم يخطئون وينسون فإن ذلك سيكون له دور كبير في احتفاظك بهدوئك وسيسهل عليك معالجة الأخطاء بشكل أفضل .
وأنا لا أطلب منك أن تكفي عن الطموح والتطلع لحال أفضل فكلنا يرسم صورة رائعة لأبناء غاية في الروعة ، ثم يسعى لتحقيق ذلك وهذا أمر جيد ، ولكن ما اعنيه هو ان تنظري بعين الواقع فالكمال في الأبناء أمر قد يكون مستحيل ، فاسمحي لهم أن يعيشوا حياة طبيعية ، وكوني معهم بتوجيهك وتقييمك ودعائك ، ثم استمتعي معهم بكل ذلك .
وهناك الكثير و الكثير من الإشرقات أعدكم بأنني سأخبركم بها إن شاء الله لاحقا....