(٢)
هذه الآية إهداء …
لمن يستعظم عمله فيراه كالجبال ثقلا …
وكالبرق لمعانا …
ولمن يظن أنه متفضلا على غيره يوم أن أسدى لهم معروفا …
وللذي أعجب بطاعته فاستكثرها في نفسه…
قال لي مولاي …
ولا تمنن تستكثر .. المدثر :6
هذا توجيه رباني لي ولك ياعبد الله بأن لا تمن بعملك ، لأنك يوم أن تمن بأعمالك فسترى بأنك قد قدمت الكثير
وقد ضحيت بالكثير وبذلت الكثير وحينها سيتوقف العطاء وينقطع البذل ،
فلا تمنن اذن كي لا تستكثر فهناك المزيد لتبذله وتعمله وتقدمه …
وقفه …
أخي الكريم إن تطلعت نفسك لعمل قدمته فاستكثرته وأعجبت به فبادرها قبل أن يحبط العمل وقل لها :
لئن عملت عملا فلقد عمل غيرك أعمالا خالدة مازال التاريخ يتغنى بها
ولئن تصدقت بالقليل واستبقيت الكثير فلم يبق الصديق لاهله مالا…
ولئن أرسلت العين مدامعها يوما فلقد بكى الفاروق حتى كان في وجهه خطان أسودان من البكاء…
ولئن استكثرت تلاوة صفحات من كتاب الله فلقد ختم ذو النورين القرآن في ركعة الوتر …
ولئن ضحيت في سبيل الله بالمال او الوقت أو الجهد فها هو عبد الرحمن بن حذافة يقول :
والله اني لأشتهي أن يكون لي بعدد شعر جسمي أنفاسا فتلقى في القدر في سبيل الله
همسة …
ها هو نبيك صلى الله عليه وسلم خير من عبد الله وعظمه يقف صافا قدميه ليلا حتى تتفطر قدماه ويطول بكاءه ونحيبه فتقول له بنت الصديق :
لقد غفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيقول : أفلا أكون عبدا شكورا ؟
فيردد بلسان الموقن بأن من وفق للعمل فقد اشتدت به الحاجة للشكر…
فإن كان الله قد يسر الطاعة ودل عليها ثم غفر برحمته فلا بد حينها من وقفة شكر ولتتفطر بعدها القدمان…
تابع >>