هناك عندما أنهينا مناسكنا و لم يتبقى علينا إلا طواف الوداع ...
كم هي مؤلمة كلمة (( الوداع )) عندما ترتبط بشخص أو مكان تحبه و تتشرب حبه حتى كأنه بات جزء منك ...
وصلنا للحرم فإذا به يموج بالحجيج نعم يموج كالموج الذي لا تستطيع دفعه أو الوقوف أمامه و إذا ما خضت غماره ابتلعك فلا تدري كيف تسير ولا إلى أين تسير ...
احتواني عندها زوجي بكل قوته لنبدأ التكبير و الطواف وهو بين ألف هاجس و هاجس و نيته أن يخرج بي ليفدي بعد ذاك بدم المهم عنده أن نخرج من هذه البحر الخضم ...
هناك أنا انفصلت عنه بروحي و إن كنت متشبثه به بكل طاقتي ...
انفصلت بروحي لأقف هناك مع مشهد الناس إذ قاموا لرب العالمين يساقون سوقا ...
فيقفون و يطول وقوفهم و مع ما كنت أجد من رائحة العرق و كتمان الأنفاس تخيلت إذ العرق بدأ يسيل و الشمس على الرؤوس فمنهم من بلغ العرق كعبيه ومنهم ركبتيه و منهم ... ومنهم ... كما أخبر الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام ...
نظرت لزوجي يدفع هذا و يمهد لي الطريق و لربما طوقني بكلتا يديه حتى لا يمسني أحد فيؤذيني ...
لتسرح روحي في يوم أكون فيه فريدة و حيدة بل هو (( يوم يفر المرء من أخيه و أمه و أبيه و صاحبته و بنيه لكل امرئ منهم يومئذن شأن يغنيه ))
إيه ... يا زوجي سيأتي ذاك اليوم يوم تفر فيه عني و أفر فيه منك ... إلا من رحم الله فنجى ...
كانت لحظات و تأملات أبكت العيون و أرهبت النفوس ليبقى الفرار دائما منه إليه : (( ففروا إلى الله ))