ما أوهن ابن آدم , تراه مهموماً مغموماً ضائق الأرجاء الرحيبة
يمشي بخطوات متثاقلات يترنّح يميناً وشمالاً متلمساً جداراً
يحاول جاهداً تجميع قواه وتركيز ذهنه علّه يقوى فيتزن !
وفي لحظات معدودات يتهاوى من طول هامته ليخر على الأرض
جثة متهالكة فاقد لإحساسه وقدرته يتهافت من حوله لإغاثته
مسكين ذاك الذي أغشي عليه فليس يملك لنفسه قوتها وصلابتها
ومساكين أولئك المغيثون فليسوا يملكون لصاحبهم غير أسباب قليلة
فإذا ما اشتد بصاحبهم الحال سوءاً كلما قلة حيلتهم وبارت محاولاتهم
فهم مع طريحهم شركاء في العجز.
فيال ضعفك أيها الإنسان ويال شدة عوزك
فحتى لنفسك لا تملك نصرها وعافيتها وتفريج كربها
بل إنك إن تركك ربك تدير جميع شؤونك وتقدر لنفسك
خاب مسعاك وهلكت.
ورغم حقيقة بني آدم الذليلة , ترى أصناف منهم تنكر حقيقتها
فمشيتهم في الأرض خيلاء ومرورهم بين الناس تكبّر
يمر أحدهم بدربك فتعجب عيناك منظر خداعه , هذا الإنسان المغرور
يكذب على مرأى الجميع ! فمن ذا الذي لا يعلم أن ماله من رزق الله
ونسبه ينتمي لآدم وحوى كجميع البشر وأن عافيته وجماله امتحان الله عليه
وأولاده وصحبه من فضل الله وما أصابه من خير فمن رب الخلائق
فعلام يفخر بنفسه علام ؟!! وليس هو الذي أكرم نفسه وأعلى شأنها الدنيوي
كلنا على دراية أنه عبد ذليل حقير عند سيد الأسياد وملك الملوك
ورازق الأحياء والأموات . إنه الله يا عبد الله من آتاك السلطة والعزة
والعافية , أفلست أكثر من يجب عليه أن يتذلل ويخشع ؟!
فرغماً عنك ستسلب النعم العظيمة التي أحاطها الله بك
إنك ( ميت ) لست في دنيا غرورك خالد .
فكن عبداً لله ذليلاً على أرضه , لا تحقرنّ أحداً ولا تستعلي
فلا تدري ولا ندري الذي أنت فيه نعمة من الله أم نقمة وابتلاء ؟!
فليس كل ما نراه طيباً هو خير , فلعل مالك وأولادك عدو لك
ولعل عافيتك وقوتك سبب طيشك وكثرة ذنوبك وربما جمالك وعلمك
وسلطانك ستجر عليك بالمصائب والدواهي , فاتقي الله يا عبد الله !
والزم لله ضعفك وانكسارك والزم عند إخوتك من البشر تواضعك
وطيب خلقك فأنا وأنت والعالمين لسنا سوى لله عبيد وهذا والله هو الفخر.