بسم الله الرحمن الرحيم
لا بد من القول بداية أن المساواة مصطلح فضفاض وظالم إن أخذناه على حرفيته التي تعني أن يتساوى الناس جميعاً وهو ما يأباه المنطق والعدل , لأن هناك الكفاءات العالية وهناك أهل الخبرة وهناك من هو دون ذلك , فمن غير المنطق والعدل أن يتساوى الباحث والأستاذ الجامعي مع الإمّعة والعوام , ولقد نفى القرآن المساواة بين العلماء والجهلاء ,وبين من أنفق ومن لم ينفق ..الخ .
إلا أن المساواة بالمفهوم الشائع الذي يقصد به "العدل" من خلال التساوي بين أبناء الطبقة الواحدة والشهادة الواحدة والمستوى الواحد ...الخ قد ضمنه الإسلام , فجميع رعايا الدولة سواء أمام القانون الإسلامي , وقد وقف خليفة المسلمين ويهودي أمام القاضي يتخاصمان و وتكرر ذلك أكثر من مرة , بل إن الدولة الوحيدة التي ساوت بين الملك والعبد هي دولة الإسلام , ومعروف أن "المماليك" حكموا الدولة الإسلامية فترة من الزمن . وعندما هاجر النبي /صلى الله عليه وسلم/ إلى المدينة اتجه إلى كتابة "الوثيقة"المعروفة بوثيقة المدينة ولم يتجه إلى رسم سياسة للإبعاد أو المصادرة والخصام , بل قبل وعن طيب خاطر وجود اليهودية والوثنية وعرض على الفريقين أن يعاهدهم معاهدة الند للند على أن لهم دينهم وله دينه
. وهكذا نصت الوثيقة على الاعتراف بالآخر كما هو. فماذا فعل هذا الآخر ؟
فقه السيرة – محمد الغزالي ص 183 .دار القلم –دمشق .بتصرف