لقد كثر القول بين العلماء في وجوه الاعجاز في القرآن وتنوع هذه الوجوه وتعددها وايا كان ذلك القول فالقرأن معجز بكل ما يتحمله هذا اللفظ من معنى فهو معجز في ألفاظه وأسلوبه ومعجز في بيانه ونظمه ومعجز بعلومه ومعارفه ومعجز في تشريعه وصيانته لحقوق الانسان
والباحث المنصف الذي يطلب الحق اذا نظر في القرآن من اي النواحي أحب وجد الاعجاز فيه واضحا جليا
ويمكننا ان نبحث في اعجاز القرآن من وجهين وجه عام ووجه خاص
اولا : الوجه العام :
وهو الاعجاز الذي يدركه العقلاء من الناس كلهم عربيهم وأعجميهم ويتكامل بتكامل القرآن ويكون اكثر وضوحا وبيانا اذا اخذ القرآن بمجمله بمجمل ما فيه من اخبار بالغيب وما اشتمل عليه من تشريع دقيق صالح لكل زمان ومكان وما اشار اليه من علوم كونية في خلق الكون والانسان
ويتجل هذا الوجه من الاعجاز بالمظاهر التالية :
1- الاخبار عن المغيبات ويتحقق هذا الاعجاز بنا حيتين :
- الاخبار عن الماضي : من مظاهر الاعجاز في القرآن اخباره عن الماضي السحيق من حين خلق آدم عليه السلام الى مبعثه صلى الله عليه وسلم فقد أتي بكثير من الاخبار التاريخية التي ضاعت صورتها الحقيقية في اخلاط التاريخ القديم للامم وكثير من هذه القصص وتلك الاخبار لم يكن يعرفه العرب ولم يوجد في التاريخ شيء يصح الاعتماد عليه او لايصح يخالف ما جاء في القرآن من هذه الاخبار بل قد جاءت دلائل اآثار الارضية-بعد قرون من نزوله- فصدقت حقائقها- التي توصل اليها علماء الآثار- الصور الخبرية التي جاءت في القرآن الكريم
ومثال ذلك : كشف علم التاريخ حديثا ان بني اسرائيل -في دور من ادوار حلولهم مصر القديمة - استحسنو العقيدة التي كانت تقول :إن العزير ابن الله وهذه الحقيقة التاريخية لم تكن معروفة لدى بني اسرائيل أوغيرهم عند نزول القرآن ولكنا نجده يقررها بقوله تعالى : ( وقالت اليهود عزير ابن الله )
حتى قال اليهود عند سماع هذه الاية إن القرآن يقول لنا ما لم نقل في كتبنا ولا في عقائدنا
- الاخبار عن المستقبل :
لقد اخبر القرآن الكريم عن امور انها ستقع فكانت كما اخبر بها وواضح ان ذلك مما لايقدر عليه البشر ولا سبيل لهم اليه وهذا النوع من الاخبار في القرآن كثير ومن امثلة ذلك :
قوله تعالى : ( قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم وبئس المهاد )
نزلت في بني قينقاع حين قالو لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يغرنك من نفسك انك قاتلت نفرا من قريش اغمارا لا يعرفون القتال انك والله لو قاتلتنا لعرفت انا نحن الناس وانك لم تلق مثلنا وقد حصل ما وعدهم به القرآن وحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وغلبهم واجلاهم وقوله تعالى :
(ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أويسلمون )
نزلت في طائفة من الأعراب تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجهاد وقد دعاهم أبو بكر رضي الله عنه لقتال أهل الردة من بني حنيفة.